---

اكتشفت وحدة تحقيقات الجزيرة أن تطبيقاً يستخدم في محو الرسائل بشكل ذاتي، اسمه TigerText، تم اللجوء إليه من قبل دائرة واحدة على الأقل من دوائر الشرطة، التي قد تكون استخدمته لتبادل معلومات حساسة يمكن أن تشكل دليل إدانة لم ترد الشرطة أن يتم الكشف عنه داخل أي محكمة.

في تصريحات للجزيرة، قال ضباط حاليون وسابقون في دائرة شرطة لونغ بيتش، جنوب كاليفورنيا، إن الهواتف التي توفرها الدائرة لأفراد الشرطة تحتوي على تطبيق TigerText مثبت داخلها.

صمم تطبيق TigerText من أجل محو الرسائل النصية بعد فترة محددة، وبمجرد أن يتم محو الرسائل فلن يتسنى استردادها ثانية – ولا حتى من خلال التحليل الفني الشرعي للهاتف.

وقال ضباط الشرطة الذين تحدثوا إلى الجزيرة إن نظام الرسائل السري استخدم لتبادل تفاصيل عمليات الشرطة والقضايا الشخصية بالغة الحساسية.

وزعم اثنان من الضباط أنهما وصلتهما تعليمات من المسؤولين عنهما باستخدام التطبيق من أجل "إجراء محادثات مع الضباط الآخرين لا يمكن تحريها فيما بعد."

وقالا إنهما فهما أن ذلك يشتمل على دليل ناف للتهم يمكن أن يساعد المحامين في الإجراءات القضائية المدنية والجنائية على حد سواء التي تتخذ ضد الدائرة.

وهو زعم تنفيه دائرة شرطة لونغ بيتش.

إلا أن الضباط يقولون إنهم لم يستغربوا التعليمات، وزعموا أن إجراءات الكشف داخل دائرة الشرطة لم تكن يوماً "على مستوى".

وقال أحد الضباط ممن لا زالوا يعملون في دائرة الشرطة: "أجد من الغريب أن يكون لدينا نظام اتصال يتحايل على كل ما يفترض أن نقوم به."

ولكن "لا شيء يدهشني وأنا أعمل هنا."

"تستر مؤسسي"

طبقاً لمجموعة بحثية اسمها "رصد عنف الشرطة"، تأتي دائرة شرطة لونغ بيتش في المرتبة الخامسة في البلاد في عام 2015 من حيث عدد ضباط الشرطة الضالعين في إطلاق نار بالنسبة لعدد السكان.

تمخضت قضايا الحقوق المدنية عن تكبيد مدينة لونغ بيتش عشرات الملايين من الدولارات التي دفعتها لعائلات ضحايا إطلاق النار.

قال ضابط شرطة سابق إنه يظن أن ذلك بالضبط هو ما حفز الدائرة على تبني استخدام ذلك التطبيق.

وقال: "هناك عدد من حالات إطلاق النار التي تورط فيها ضباط شرطة والتي أضرت بالدائرة. وهذه بالنسبة لهم وسيلة من وسائل إخفاء الأمر والإفلات من المساءلة على بعض الأشياء السلبية التي تؤثر على مسؤوليتهم عن تلك الحالات."

في تصريح للجزيرة، قال محمد تاجسار، وهو محام يعمل مع الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية في جنوب كاليفورنيا، إنه صدم بما سمعه من مزاعم الضباط.

وقال تاجسار: "إذا كان المسؤولون في الدائرة قد وجهوا عناصر الشرطة إلى استخدام تطبيق TigerText للحيلولة دون إطلاع الجمهور على معلومات حساسة تتعلق بالتحقيقات في حوادث القتل التي يتورط فيها رجال الشرطة، فإن هذا يعتبر تستراً مؤسسياً من أعلى المستويات، صمم لحماية دائرة صيتها سيء إذ اشتهر عنها قتل الناس."

حصلت الجزيرة على سجلات مالية من دائرة شرطة لونغ بيتش تشير إلى أن نظام TigerText يستخدم من قبل عناصرها منذ عام 2014 على الأقل، وأن ما يزيد عن مائة عنصر من عناصر الشرطة يستخدمون التطبيق.

تصف وثيقة صادرة عن قسم المشتريات في مدينة لونغ بيتش التطبيق بأنه "منصة آمنة لإرسال النصوص الخاصة بالتحقيقات الجنائية والاتصالات السرية."

جميع الضباط الذين تحدثت معهم الجزيرة طلبوا إبقاء هوياتهم قيد الكتمان خشية من انتقام دائرة الشرطة منهم.

ويقولون إن تطبيق TigerText تم تعييره بحيث يحذف الرسائل بعد بضعة أيام وأنه وزع على الضباط ممن يكلفون بمهام خاصة وعلى جميع الضباط الكبار ممن هم فوق رتبة ملازم.

يعتقد الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية بأن دائرة شرطة لونغ بيتش من خلال استخدامها للتطبيق فإنها قد تخرق القوانين التي تتطلب الاحتفاظ بالسجلات وكذلك الأحكام التي تستوجب الكشف عن الأدلة أثناء القضايا القانونية، الأمر الذي يهدد مصير الآلاف من القضايا التي تنتظر البت فيها من قبل المحاكم.

كما اكتشف تحقيق الجزيرة في أمر استخدام TigerText أن دائرة السجون في جورجيا بدأت هي الأخرى في استخدام التطبيق في عام 2013.

إلا أن المحامين التابعين للدائرة قرروا سريعاً بأن استخدامه قد ينتهك قانون جورجيا، ولربما خالف تشريع الولاية الذي يستوجب الاحتفاظ بالسجلات الأمر الذي قد يفضي إلى تقويض إجراءات الكشف في المحاكم.

دليل غير كاف

في تصريح للجزيرة قال أحد ضباط الشرطة في لونغ بيتش إنه بينما كان يعمل في الدائرة شهد استخدام TigerText أثناء التحقيق في إطلاق الشرطة النارعلى جيسون كونوسنتي في حي شاطئ ألامنتوس في عام 2014.

تم تبرئة الضباط الضالعين في عملية إطلاق النار من أي مخالفات بعد أن خلص الادعاء إلى عدم كفاية الأدلة لتوجيه اتهام لهم.

تحدثت الجزيرة مع العديد من المحامين الذين ترافعوا ضد لونغ بيتش، فوجدت أن أياً منهم لم يكن لديه معرفة باستخدام دائرة الشرطة في المدينة لتطبيق TigerText.

قال نيكهيل رامناني، الذي يعمل في مكتب للمحاماة في لوس أنجليس، إن مكتبه قد يضطر الآن إلى إعادة فتح ملفات جميع قضايا لونغ بيتش منذ عام 2014، وأضاف: "لا أعلم ما هي البيانات التي توجد في تلك البرامج، قد تكون من النوع الذي المبرئ وقد تكون مما يشير إلى وجود ممارسات غير دستورية بل وغير قانونية."

رداً على تحقيق الجزيرة، قالت دائرة الشرطة في لونغ بيتش إنها "تلتزم بجميع القوانين المتعلقة بالكشف، وأن أي معلومات ذات صلة بتحقيق ما يتم توثيقها وتقديمها طبقاً للمتطلبات القانونية."

وقالت الدائرة إنها تستخدم تطبيق TigerText "للتواصل بشأن المعلومات السرية المتعلقة بموقع الجريمة، والمعلومات الخاصة بالضحايا، والأمور الشخصية بين العاملين في إدارة الدائرة، وما يخص العاملين في المهام الخاصة."

تقول جوانا شوارتز، الخبيرة في شؤون التقاضي في كلية القانون بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجيليس، إنها تعتقد بأنه يصعب التنبؤ بالمشاكل القانونية التي يمكن أن يسببها استخدام تطبيق الحذف الذاتي لدائرة الشرطة في لونغ بيتش.

وأضافت: "إن استخدام تطبيق TigerText من قبل الشرطة يصعب رفع قضايا مدنية ضدهم مضمون كسبها كما يصعب من جهود الدفاع عن المتهمين في القضايا الجنائية. والسؤال الملح هو: هل هذا النوع من دائرة الشرطة هو ما ترغب مدينة لونغ بيتش في وجوده؟"