حصري
الاتحاد الأوروبي يتخذ إجراءات قانونية ضد قبرص ومالطا بشأن برامج جوازات السفر
مؤكدة على أن برامج الحصول على الجنسية مقابل الاستثمار تقوض دعائم المواطنة في الاتحاد الأوروبي، المفوضية الأوروبية تبدأ باتخاذ إجراءات قانونية.
20 أكتوبر 2020
أعلنت المفوضية الأوروبية يوم الثلاثاء أنها سوف تبدأ "إجراءات انتهاك" ضد كل من قبرص ومالطا بسبب برامجها المثيرة للجدل والتي تمنح الجنسية مقابل الاستثمار.
وقالت المفوضية إن بيع الجنسية "يقوض دعائم المواطنة في الاتحاد الأوروبي".
وتعتبر إجراءات الانتهاك بالنسبة للاتحاد الأوروبي الإجراء القانوني الذي يتخذ ضد بلد يتقاعس عن تطبيق قوانين الاتحاد الأوروبي، وقد ينجم عن ذلك فرض غرامات مالية.
جاء هذا الإعلان بعد أسبوع فقط من بث وحدة تحقيقات الجزيرة لبرنامجها الوثائقي "أوراق قبرص .. المهمة السرية"، والذي وجه إصبع الاتهام إلى عدد من كبار المسؤولين في قبرص، والذين أعربوا عن استعدادهم لبيع جوازات سفر تابعة للاتحاد الأوروبي إلى مجرمين.
بعد يوم واحد من نشر التحقيق، أعلنت قبرص أنها ستعلق العمل بالبرنامج ابتداء من الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، بينما أعلن المدعي العام جورج سافيديس فتح تحقيق جنائي في التهم التي وردت في البرنامج الوثائقي.
وكانت وحدة تحقيقات الجزيرة قد نشرت في شهر أغسطس (آب) وثائق مسربة تثبت أن قبرص سمحت من قبل لمجرمين ولأشخاص رهن التحقيق في أوطانهم الأصلية بالحصول على جوازات سفر. وبعد نشر التقرير تحدث مفوض العدالة الأوروبي ديدير رايندرز في تصريح للجزيرة عن احتمال اتخاذ إجراءات قانونية ضد قبرص.
انتقاد من الاتحاد الأوروبي
أمام قبرص ومالطا الآن شهران للرد على خطاب الاتحاد الأوروبي، وبعد ذلك قد يقرر الاتحاد رفع القضية إلى محكمة العدل الأوروبية إذا ما خلص إلى أن قوانين الاتحاد الأوروبي مازالت تُنتهك.
لطالما انتقدت بروكسيل كلاً من قبرص ومالطا بسبب برامج "جوازات السفر الذهبية" التي تطبقها، وتسمح بموجبها للناس باستثمار مبالغ ضخمة من المال في البلاد، عادة ما يكون ذلك في قطاع العقارات، مقابل الحصول على جواز سفر يتمكن المرء بواسطته من الوصول إلى سوق العمل والأسواق المالية في الاتحاد الأوروبي وكذلك التنقل بحرية بين الدول الأعضاء فيه.
وطبقاً لما يقوله مسؤولون في الاتحاد الأوروبي وكذلك في منظمات غير حكومية تنشط في محاربة الفساد إن هذه البرامج تتيح المجال أمام الراغبين في غسيل الأموال.
وبحسب ما تقوله المفوضية فإن "منح جنسية الاتحاد الأوروبي مقابل مبالغ محددة مسبقاً أو مقابل استثمارات بدون أي ارتباط حقيقي مع الدول الأعضاء المعنية إنما يقوض الركائز التي تقوم عليها جنسية الاتحاد الأوروبي."
جنت قبرص ومالطا مئات الملايين من تلك البرامج منذ أن بدأت في تطبيقها في 2013 و 2014 على الترتيب، مما أنعش الاقتصاد في الجزيرتين بعد أن كان يعاني من حالة مرضية بسبب أزمة اليورو.
قالت لاورا بريلاود، المسؤولة عن القسم الخاص بسياسة غسيل الأموال في الفرع الأوروبي لمنظمة الشفافية الدولية إن خطط الاتحاد الأوروبي هي "بالضبط ذلك النوع من الإجراءات الحاسمة التي ما لبثنا نطالب بها."
وقالت المنظمة في بيان صادر عنها: "هناك أدلة دامغة على أن برامج جوازات السفر الذهبية التي تطبقها كل من قبرص ومالطا إنما تخدم مصالح الفاسدين ولا تخدم الصالح العام. ولقد ظلت الحكومتان لسنوات تتجاهلان السخط الشعبي. ولكنهما ستجدان نفسيهما الآن بسبب قرار المفوضية الأوروبية تقفان في قفص الاتهام داخل محكمة العدل الأوروبية، ما لم يتخذ البلدان إجراءات سريعة وحاسمة لوضع حد لهذا العبث."
كما أرسلت المفوضية خطاباً مشابهاً لبلغاريا، وطالبتها بتوضيحات حول برنامج الجنسية مقابل الاستثمار لديها، ومطالبة إياها بوقف العمل بذلك البرنامج.
جوازات سفر رهن التدقيق من جديد
كما يستخدم بيع جوازات السفر في قبرص لجذب كبار المستثمرين الدوليين وتعزيز العلاقات معهم.
فقد كشفت الجزيرة عن تفاصيل طلب جماعي لقائمة من ثمانية عشر مديراً في مجموعة ميلكو، وهي تكتل استثماري مقره هونغ كونغ يقف من وراء مشروع منتجع وكازينو تقدر تكلفته بما يقرب من 550 مليون يورو (ما يعادل حوالي 645 مليون دولار).
صرح المدقق العام في قبرص أوديسيس ميخاليديس للجزيرة إن مكتبه يحقق الآن في كيفية إتمام معاملات جوازات السفر تلك عبر الخط السريع.
فقد سُمح لهؤلاء المدراء وعائلاتهم بتجاوز متطلب يشترط أن يحمل مقدم الطلب على تصريح إقامة لستة شهور قبل أن يتقدم بطلب الحصول على الجنسية.
يبدو أن ذلك تم بناء على توجه من وزير الداخلية آنذاك كونستانتينوس بيتريديس.
أعرب ميخاليديس عن شكوكه بأن يكون المدراء قد وفروا مطلباً آخر، وهو أن يكون كل منهم قد دفع ضريبة في قبرص قدرها مائة ألف دولار على مدى ثلاث سنين.
وكانت مجموعة ميلكو قد فازت بالعطاء لإنشاء المنتجع في 2017، وتمت الموافقة على جوازات السفر في يوليو (تموز) 2019.
قال ميخاليديس في تصريح للجزيرة: "يبدو من غير الممكن توفر شرط الثلاث سنين في حالة هؤلاء الناس، بحيث يمضوا تلك الفترة كمدراء داخل قبرص وبذلك يتأهلون للحصول على الجنسية."
تصر مجموعة ميلكو أنها تصرفت بموجب القواعد التي ينص عليها برنامج قبرص للاستثمار.
تمخض تحقيق الجزيرة عن استقالة كل من رئيس مجلس النواب ديمتريس سيلوريس وعضو المجلس كريستاكيس جوفانيس (المعروف أيضاً باسم جوفاني) – وكلاهما وجهت لهما أصابع الاتهام في الفيلم الذي صور سراً. كما نجم عن بث التحقيق انطلاق مظاهرات احتجاجية ضد الفساد في قبرص.