حصري
سكان جزيرة أغاليغا يخشون على مستقبلهم بسبب قاعدة بحرية هندية سرية
يخشى سكان جزيرة أغاليغا النائية التابعة لموريشيوس من الطرد ويرون وضعاً مشابهاً لما حصل من قبل في جزيرة دييغو غارسيا.
3 أغسطس 2021
يخشى حوالي ثلاثمائة نسمة يعيشون في جزيرة أغاليغا التابعة لموريشيوس على مستقبلهم حيث من المحتمل أن تصبح الجزيرة مأوى لمرفق عسكري بحري هندي.
يكشف تحقيق لوحدة تحقيقات الجزيرة كيف سعت الهند خلال السنتين الماضيتين إلى إنشاء مدرج جوي طوله ثلاثة كيلومترات ورصيفين للأغراض العسكرية.
أكد محللون عسكريون ما توصلت إليه الجزيرة من اكتشافات وقالوا إن الجزيرة من المحتمل أن تستخدم من قبل البحرية الهندية لأغراض التجسس البحري والقيام بمهمات استطلاعية.
وكانت الشائعات والتقارير الإعلامية حول القاعدة العسكرية قد ظهرت للوهلة الأولى في عام 2018 إلا أن موريشيوس والهند كلاهما نفتا أن يكون مشروع البناء لأغراض عسكرية ويقولون إن البنية التحتية إنما يقصد منها خدمة سكان الجزيرة.
لا يصدق سكان أغاليغا، والذين يعيش معظمهم على صيد الأسماء وزراعة جوز الهند، الرواية الرسمية التي تقول إن مشروع البناء الذي يكلف 250 مليون دولار أمريكي مخصص لخدمتهم.
في تصريح للجزيرة، يقول فرانكو بولاي الذي يعيش في الجزيرة: "طالبنا بمطار وبمستشفى، ولكننا لم نطلب مطاراً ضخماً بهذا الحجم. عندما نرى هذا المطار ينتابنا القلق."
ويؤكد شقيقه أرنود بولاي نفس المخاوف قائلاً: "لا نحتاج إلى ميناء، وبإمكاننا أن نرى أنه ليس لمصلحتنا. لا يتم اليوم تدريب أي واحد من سكان أغاليغا على العمل في الميناء الجديد، ولذلك من الواضح أن العمال الهنود هم من سيتم توظيفهم للعمل في الميناء. أولادنا، شبابنا، عاطلون عن العمل، ولا يتم تدريبهم على شيء."
يخشى سكان أغاليغا أن يصبح مصيرهم مثل مصير سكان جزيرة دييغو غارسيا، وهي جزيرة تابعة لموريشيوس أجرها الحاكم المستعمر السابق للبلاد، بريطانيا، للولايات المتحدة في عام 1966.
وفي عام 1971 تم تحويل الجزيرة إلى قاعدة عسكرية أمريكية وأجبر السكان على إخلائها والإقامة في أماكن أخرى.
تؤوي الجزيرة اليوم خمسة عشر مركزاً قيادياً عسكرياً أمريكياً منفصلاً وتقدم الخدمات للأساطيل والغواصات والطائرات القاذفة طويلة المدى.
كما أن دييغو غارسيا جزء من جدل قائم منذ وقت طويل بين بريطانيا وموريشيوس. في وقت مبكر من هذا العام، قررت محكمة بحرية تابعة للأمم المتحدة أن بريطانيا لا سيادة لها على الجزيرة، ولكن بريطانيا قالت إنها ستعيد الجزيرة فقط عندما لم تعد تفي بالاحتياجات الدفاعية.
كما أن الناس الذين كانوا يعيشون في دييغو غارسيا قبل تحويلها إلى قاعدة عسكرية ما فتئوا يناضلون منذ ذلك الوقت في سبيل حق العودة إليها.
يشير سكان أغاليغا إلى ما يقولون إنها جهود تبذل لجعل الحياة في الجزيرة أشق، مثل إجبار النساء الحوامل على الإنجاب في الجزيرة الرئيسية، وحظر جلب الإسمنت إلى الجزيرة، وكذلك حقيقة أنه لا يسمح لهم الآن بجلب الماشية إلى الجزيرة.
يقول أولئك الذين غادروا الجزيرة إن عودتهم إليها باتت شبه مستحيلة.
من يرغبون في السفر من وإلى أغاليغا يركبون سفينة تقوم بالرحلة كل ثلاثة شهور من الجزيرة الرئيسية في موريشيوس. إلا أن سكان أغاليغا يشكون من أن الرحلة باتت أشد صعوبة.
في تصريح للجزيرة، تقول روزاليت ياسمين البالغة من العمر سبعة وستين عاماً: "منذ عام 2013 ونحن نريد العودة."
وتضيف: "شقيقاي هناك وكذلك أبناء وبنات أشقائي. أريد أن أذهب لرؤيتهم ولكن في كل مرة أذهب للاستفسار عن التذاكر، يقولون لي إنها محجوزة بالكامل، حاولي المرة القادمة. في كل مرة يقولون المرة القادمة حتى تتعب وتمل وتفقد الحماسة."
كما يشير سكان الجزيرة إلى خطة الحكومة حمل من يرغبون في السفر إلى الجزيرة على دفع رسوم حكومية مرتفعة مقابل الطوارئ الطبية فيما لو حدث لهم مكروه أثناء وجودهم في الجزيرة.
ما لبثت تلك الخطة أن وضعت على الرف بعد تنظيم احتجاجات، ولكن مازال شاقاً على من يرغبون في العودة إلى أغاليغا الوصول إليها.
في تصريح للجزيرة، تقول أليكس كالابين، وهي من سكان أغاليغا ولكن تعيش الآن في الجزيرة الرئيسية من موريشيوس: "إنه يدمي القلب أن ترى جزيرتك يتم استغلالها من قبل الآخرين، بينما نحن الذين ولدنا وترعرعنا فيها لا يمكننا الذهاب إلى جزيرتنا ولو لبرهة قصيرة لاستنشاق هواء المكان الذي ولدنا فيه."
ما لبثت كالابين ترغب في العودة إلى الجزيرة منذ سنين، ولكن يقال لها دوماً إن السفينة التي تريد السفر على متنها لا يوجد بها أماكن شاغرة.
وبحسب ما يقوله صموئيل باشفيلد، وهو باحث في كلية الأمن القومي في الجامعة الوطنية الأسترالية، ثمة تشابهات واختلافات بين هذه القضية والوضع في دييغو غارسيا.
ويقول في تصريح للجزيرة: "في أغاليغا، ثمة إمكانية لحدوث شيء مشابه." ولكنه لا يعتقد بأن السلطات في موريشيوس سوف تتنازل عن السيادة على الجزيرة لصالح الهند.
ويضيف: "قالت الحكومتان إنهما لن تهجرا الناس قسراً وأنهم سوف يتمكنون من الاستمرار في العيش هناك."
ولكن الأمور مرشحة قطعاً للتغيير بمجرد أن ينتهي العمل في القاعدة التي من المؤكد أن الهند ستستخدمها لإطلاق مهام استطلاعية باستخدام الطائرات، بحسب ما يقوله باشفيلد، الذي أضاف: "من المؤكد أن تشغيل قاعدة عسكرية له تبعات معينة وعواقب معينة."
ويقول: "ما من شك في أن الحياة ستكون مختلفة جداً على الجزيرة بمجرد الانتهاء من هذه القاعدة العسكرية، فلن يكون لديك بشر يمشون عبر القاعدة العسكرية، هذا مؤكد."
تواصلت وحدة تحقيقات الجزيرة مع جميع من ورد ذكرهم في التحقيق.
عادت حكومة موريشيوس وأكدت على موقفها من أنه "لا يوجد اتفاق بين موريشيوس والهند على إقامة قاعدة عسكرية في أغاليغا."
وأضافت إن عبارة "قاعدة عسكرية" يقصد بها: "مرفق مملوك ويتم تشغيله من قبل، أو لصالح، المؤسسة العسكرية لإيواء التجهيزات والعناصر العسكرية على أسس دائمة ولأغراض تتعلق بالقيام بعمليات عسكرية."
وقالت موريشيوس أيضاً إن الحكومة لا تنوي إجبار الناس الذين يعيشون في الجزيرة على الخروج منها. أما وزارتا الدفاع والشؤون الخارجية في الهند فلم تردا على طلب التعليق على الأمر.