حصري
كيف تروج لمجزرة: الكشف عن استراتيجية جمعية البندقية الوطنية
تكشف عملية سرية استغرقت ثلاث سنين كيف تتعامل جمعية البندقية الوطنية مع الرأي العام بعد الهجمات المسلحة المميتة.
26 مارس 2019
إذا كنت مدافعاً عن حق حيازة وحمل السلاح، فكيف ترد على إطلاق نار مميت؟
أولا، "لا تقل شيئاً." وإذا ما أصرت وسائل الإعلام على استفساراتها، فعليك أن "تهاجم ثم تهاجم ثم تهاجم." ثم لطخ سمعة المجموعات التي تطالب بضبط السلاح. عب عليهم بتصريحات مثل "كيف تجرؤون على الوقوف على قبور أولئك الأطفال لتروجوا لأجنداتكم السياسية."
تلك هي النصيحة التي أسداها أقوى لوبي مؤيد للسلاح في الولايات المتحدة لحزب أمة واحدة الأسترالي، بحسب ما كشف عنه تحقيق للجزيرة، وذلك عندما طلب ممثلون عن الحزب الأسترالي اليميني المتطرف النصح والتوجيه من جمعية البندقية الوطنية حول كيفية العمل من أجل تخفيف قوانين السلاح المتشددة في البلاد.
خرجت إلى النور استراتيجية جمعية البندقية الوطنية في التعامل مع حوادث إطلاق النار الجماعية خلال عملية سرية استمرت لثلاث سنوات نفذها فريق تابع لوحدة التحقيقات في الجزيرة. استخدم رودجر موللر، وهو صحفي استرالي تخفى واخترق لوبيات السلاح في كل من الولايات المتحدة وأستراليا، كاميرا مخفية لتسجيل سلسلة من اللقاءات في واشنطن بين ممثلين عن جمعية البندقية الوطنية وحزب أمة واحدة في شهر سبتمبر / أيلول من العام الماضي.
تقدم المادة التي صورت سراً نظرة نادرة من الداخل لكيفية تعامل جمعية البندقية الوطنية مع حوادث إطلاق النار الجماعية وكيف تسعى للتلاعب بالتغطية الإعلامية من أجل الدفع قدماً بالأجندة المؤيدة للسلاح.
لطالما سعى حزب أمة واحدة الأسترالي، بزعامة السيناتور بولين هانسون، من أجل التخفيف من قوانين السلاح في البلاد، وهي القوانين التي تحظر تقريباً جميع البنادق الآلية وشبه الآلية وبنادق الصيد.
كانت تلك القيود الصارمة، والتي تعتبر من أشد القيود صرامة في العالم، قد فرضت في عام 1996 بعد أن أقدم مسلح ببندقية شبه أوتوماتيكية على قتل 35 شخصاً في بلدة بورت آرثر.
منذ ذلك الحين لم تشهد أستراليا إطلاق نار جماعي حيث لا يعرف المهاجمون أياً من ضحاياهم. ومع ذلك فقد نددت جمعية البندقية الوطنية بقوانين أستراليا باعتبارها "لا تخضع لتعريف المنطق السليم."
’قبور أولئك الأطفال‘
قام موللر، مراسل الجزيرة المتخفي الذي تظاهر بأنه مدافع عن حق حيازة وحمل السلاح، بتقديم رئيس ديوان حزب أمة واحدة جيمز آشبي، وزعيم فرع الحزب في كوينزلاند، ستيف ديكسون، إلى جمعية البندقية الوطنية، وسافر معهما جميعاً إلى واشنطن العاصمة في العام الماضي.
كان آشبي وديكسون يأملان في ضمان الحصول على 20 مليون دولار كتبرعات سياسية من مؤيدي لوبي السلاح في الولايات المتحدة.
وأثناء لقاءات عقدت في المقر الرئيسي لجمعية البندقية الوطنية في فيرجينيا، قام المسؤولون بتزويد كل من آشبي وديكسون بأفكار تساعدهم في حشد الدعم الشعبي لصالح تغيير قوانين السلاح الأسترالية ودربا الرجلين على كيفية الرد على وسائل الإعلام بعد وقوع حوادث إطلاق النار الجماعي.
أفضل أسلوب لمعالجة استفسارات وسائل الإعلام بعيد وقوع المذبحة هو "الإمساك عن قول أي شيء"، وذلك طبقاً لكاثرين مورتنسن، مسؤولة التواصل الإعلامي في جمعية البندقية الوطنية. ولكن إذا ما ألح الإعلاميون في استفساراتهم، فهي توصي بانتهاج استراتيجية هجومية.
ويتضمن ذلك صرف الاهتمام بعيداً من خلال تلطيخ سمعة المدافعين عن تقييد السلاح.
يقول لارس دالسيده، وهو عضو آخر في فريق العلاقات العامة داخل جمعية البندقية الوطنية: "فقط عب عليهم الفكرة بأسرها. إذا كانت سياستك غير كافية لإثبات ذاتها، فكيف تجرؤ على استخدام موتهم للدفع بذلك قدماً. كيف تجرؤ على الوقوف على قبور أولئك الأطفال خدمة لأجندتك السياسية؟"
أجاب ديكسون: "أحب ذلك، شكراً لك."
ثم، في سياق شرحه لكيفة تلاعب جمعية البندقية الوطنية بالتغطية الإعلامية، أخبر دالسيده حزب أمة واحدة إن عليهم أن يستفيدوا من خدمات من يتعاطف معهم من الصحفيين.
وقال دالسيده: "يكون لديك شخص متعاطف معك ويعمل داخل إحدى الصحف، وقد يكون مكلفاً بتغطية أخبار البلدية أو قد يكون مراسلاً جنائياً."
ومضى يقول: "نريد أن ننشر قصصاً عن الناس الذي تعرضوا للسرقة، أو تعرضت بيوتهم للاجتياح، أو تعرضوا للضرب أو أي شيء آخر، والتأكيد على أنه كان سيساعدهم لو توفرت لديهم أسلحة. تلك ستكون الزاوية التي تنطلق منها حكاياتكم. وذلك ما ينبغي عليه أن يكتبه. يتوجب عليه أن ينشر من مثل ذلك ما بين حكايتين إلى خمس حكايات كل أسبوع."
’غضب الأسبوع‘
من النصائح الأخرى التي قدمها المسؤولون في جمعية البندقية الوطنية القيام بكتابة المقالات نيابة عن المسؤولين الأمنيين الذين يؤيدون حيازة وحمل السلاح.
يقول مورتنسن: "نرتب لنشر أعمدة لكتاب ضيوف في الصحف المحلية."
ويضيف: "معظم الوقت نكتب تلك المقالات لشخصيات مثل مأمور الشرطة في ويسكونسن، أي شيء من ذلك. وهو يصيغه أو تساعدنا هي على صياغته. نقوم بمعظم العمل المطلوب لأن هؤلاء الناس مشغولون ولا وقت لديهم، وهذه هي مهمتنا. ولذلك فإننا نساعدهم، ثم هم يتقدمون بالمقالات بأسمائهم مدونة عليها حتى تبدو أصلية، كما تعلم، تأتي من داخل ذلك المجتمع. ولكننا نلعب دوراً من وراء الكواليس."
أما بالنسبة لمواقع التواصل الاجتماعي، فإن المسؤولين في جمعية البندقية الوطنية يوصون بإنتاج مقاطع فيديو قصيرة تسلط الضوء على منافع السلاح للدفاع عن النفس.
يقول مورتنسن: "هذه لها شعبية كبيرة، فهي مقتطفات قصيرة وصغيرة، كما تعلم، مثل جو بلو محاسب في متجر محلي صغير، كان بحوزته سلاحه فتمكن من حماية نفسه."
ويضيف: "إنها جيدة لأنها قصيرة، وهي من النوع الذي يحرضك على الغضب، نطلق عليه غضب الأسبوع."
خلال نفس اللقاء، أخبر ديكسون جمعية البندقية الوطنية أن "عصابات أفريقية تم استيرادها إلى أستراليا" ترتكب جرائم الاغتصاب والسرقة في البلد، بما في ذلك "القدوم إلى المنازل وبأيديهم مضارب البيسبول لسرقة سيارتك."
ورداً على ذلك نصحهم دالسيده بما يلي: "كلما كانت هناك حكاية حول عصابات أفريقية تأتي بمضارب البيسبول، فمن الأشياء الصغيرة التي يمكنكم نشرها هناك، ربما من خلال تغريدة في تويتر أو تدوينة عبر فيسبوك أو أي شيء من ذلك، مثل "لا يسمح لهم بالدفاع عن بيتهم"... "لا يسمح لهم بالدفاع عن بيتهم". بوووم."
لم يستجب مسؤولو حزب أمة واحدة الذين ورد ذكرهم في هذا التقرير، ديكسون وآشبي، لطلبات الجزيرة بالتعليق على الموضوع.