مقال طويل
تخفيت حتى أفضح لوبي السلاح في الولايات المتحدة وفي أستراليا
التخفي لثلاث سنين ضمن تحقيق استقصائي حول استراتيجيات لوبي السلاح القوي في الولايات المتحدة للترويج لحيازة السلاح داخل أستراليا
25 مارس 2019 | 9 دقيقة قراءة
ما لبثت أعيش حياة مزدوجة طوال السنوات الثلاث الماضية.
كجزء من اختراق موسع قامت به الجزيرة للوبي السلاح في الولايات المتحدة، توليت دور المناصر لحيازة السلاح، وتظاهرت بالعمل من أجل إلغاء قوانين أستراليا الصارمة التي تقيد حيازته، وتظاهرت كذلك بأنني أريد أن أرى المزيد من قطع السلاح في أيدي المواطنين الأستراليين.
في الحقيقة أنا معارض لكل هذه الأشياء ولا أتفق معها، بل أعتقد أن جهود لوبي السلاح لإخفاء الحقيقة، والتي تتعلق بالسلامة العامة وبالحقوق الدستورية، ينبغي أن يسلط عليها الضوء.
وهذا هو السبب الذي من أجله شاركت في هذا التحقيق السري.
بدأت مشاركتي في المشروع في عام 2015 عندما تلقيت مكالمة من بيتر تشارلي، المنتج المنفذ في وحدة تحقيقات الجزيرة في واشنطن العاصمة.
شرح لي بأن فريقه يحقق في لوبي السلاح في الولايات المتحدة وما يبذله من محاولات للتحكم بالرسائل الموجهة إلى الرأي العام حول ما إذا كان مزيد من الأسلحة يؤدي إلى مزيد من الوفيات. جمع فريقه ما يكفي من الأدلة على وجود خداع متعمد وكانوا حينها يفكرون بتدبير عملية سرية.
أخيراً دخل شيرلي في الموضوع. كانت لديه فكرة بإنشاء مجموعة مؤيدة للسلاح في أستراليا تقوم، نظرياً، بالتوجه نحو رابطة البندقية الوطنية في أمريكا. سألني إذا ما كنت مهتماً بأن ألعب دور مؤسس تلك المجموعة ورئيسها حتى يتسنى اختراق رابطة البندقية الوطنية؟ وإذا كنت مهتماً ما إذا كنت على استعداد لارتداء كاميرا خفية أثناء القيام بزيارات متعددة إلى الولايات المتحدة لتنمية العلاقات مع رابطة البندقية الوطنية وتسجيل محادثاتي معهم؟
كانت فكرة مثيرة للاهتمام. لم أرتدي كاميرا خفية من قبل أو ادعيت أنني أحب السلاح. في الحقيقة، لم أطلق ناراً من بندقية سوى مرات قليلة في مزرعة أحد الأصدقاء. لم أكن أعرف غلوك من لوغار ولم يسبق أن رأيت بندقية هجومية من قبل.
قال تشارلي إن أياً من ذلك لا يهم. فقد كان يبحث عن شخص لديه القدرة على أن "يشغل غرفة" ولديه معرفة بالناس وبأمور التجارة والمال. وقال إنني سأدرب بشكل شامل على المتطلبات الصحفية وكذلك على التعامل مع السلاح.
وبذلك انضممت إليهم.
حياة مزدوجة
استعداداً للمهمة التي سأقوم بها، أقلتني الجزيرة بالطائرة إلى لندن حيث دربت على طريقة طرح الأسئلة وكيف أتصرف كصحفي متخف يقوم بمهمة سرية. دربت من قبل خبير في الكاميرات المخفية على استخدام الكاميرات الصغيرة – من النوع الذي لا يمكن لعين الإنسان المجردة اكتشافه، ثم أحضروني إلى الولايات المتحدة ووضعني في دورة حول التعامل الآمن مع البنادق وللتدريب على استخدام السلاح. وبذلك بدأت حياتي كشخص متحمس للسلاح.
كل ما كان علي عمله هو إقناع رابطة البندقية الوطنية أنني شخص آخر.
كانت الخطة التي أعدها تشارلي بسيطة. استغلالاً لازدراء رابطة البندقية الوطنية العلني لقوانين السلاح الصارمة في أستراليا، أوجد مجموعة أطلق عليها اسم "حقوق السلاح في أستراليا" تدعي أنها تطالب بإلغاء التشريعات القائمة.
كانت مهمتي استخدام هذه المجموعة كواجهة لأسوق نفسي لدى المسؤولين في رابطة البندقية الوطنية وكي أتمكن من تسلق سلم المنظمة بقدر ما أستطيع، وأسجل في تلك الأثناء محادثات معهم حول مواضيع مثل كيف سيكون رد فعلهم على وقوع مجزرة، وكيف يمارسون الضغوط على أعضاء الكونغرس وكيف يتلاعبون بوسائل الإعلام.
’إنه لعالم مخيف هناك في الخارج‘
اتخذت أول خطوات لي كرجل يعيش حياة مزدوجة في مؤتمر رابطة البندقية الوطنية لعام 2016 في لويزفيل، كينتاكي. سافر معي فنيو الكاميرات والمنتجون من وحدة تحقيقات الجزيرة في رحلتي من واشنطن العاصمة إلى لويزفيل، وساعدوا في تثبيت عدسات كاميرا بحجم رأس الدبوس استعداداً لأول لقاء لي مع مسؤولي رابطة البندقية الوطنية.
كنت مرتبكاً قليلاً في البداية، ولكني سرعان ما استرخيت وارتحت في دوري الجديد. وبينما كنت أشق طريقي داخل لوبي السلاح، بدأت أدرك عمق ما لدى بعض المواطنين في أمريكا من شغف "بالتعديل الثاني" الذي ينص على الحق في حيازة وحمل السلاح.
من كانوا حولي من المشاركين في مؤتمر رابطة البندقية الوطنية كانوا يرتدون قبعات وقمصان تي شيرت وشارات تعلن عن حبهم المستميت للحق الذي منحهم الله إياه لحمل السلاح. غدا واضحاً جداً بالنسبة لي أنني إذا ما أردت أن أبدو ذا مصداقية لديهم فعلي أن أعتنق نفس هذه الأمور.
لم يكن ذلك بالأمر اليسير. فأنا فخور بحق بقوانين أستراليا التي تضبط حيازة السلاح، والتعبير عن امتعاضي من "ندفات الثلج" و "مختطفي السلاح" سيبدو كما لو كان خيانة لأصدقائي وأفراد عائلتي في الوطن، والذين أعتقد أنهم يعيشون في أمان وسلامة بفضل مثل تلك القوانين الصارمة.
كثيرون منهم دهشوا بما طرأ علي من تعلق بالأسلحة النارية، فكنت أقلل من أهمية معظم الاستفسارات التي توجه إلي قائلاً: "إنه لعالم مخيف هناك في الخارج. ولقد أدركت بأن الأسلحة تبقينا جميعاً في أمن وسلامة – ولذا فقد قررت المطالبة بالسماح بمزيد من الأسلحة هنا."
ولكن لم يكن الجميع مسروراً بتلك التفسيرات. في أكثر من مناسبة، كان غرباء ممن رأوا موقع الإنترنيت التابع لمنظمة "حقوق السلاح في أستراليا" يواجهونني في الشارع ويوبخونني لسعيي جر قوانين السلاح الأسترالية في نفس اتجاه قوانين السلاح الأمريكية.
ثعابين وأسود وبنادق
ولكن في مؤتمر رابطة البندقية الوطنية في لويزفيل، كان من نتائج ادعاءاتي بأنني أرغب في رؤية قوانين أستراليا أن يبتسم الناس لي ويصافحون يدي ويربتون على ظهري.
في نهاية كل يوم من أيام التصوير، كان بيتر وفريق العمل الذي معه يتجمعون في غرفة أحد الفنادق لمشاهدة الفيديوهات التي صورتها سراً. في بعض الأوقات قد تكون إحدى كاميراتي موجهة إلى أعلى وكل ما ظهر في الفيديو هو السقف. ولكن مع الوقت تعلمت كيف أصور المادة التي تحتاج إليها الجزيرة مني.
على مدى ثلاث سنين سافرت من أستراليا إلى الولايات المتحدة مرات عديدة لبناء العلاقات وإقامة الاتصالات مع مجتمع أنصار حيازة السلاح. بعض اللقاءات كانت ظريفة ولكن بعضها كان في غاية الغرابة.
في إحدى اللقاءات، أطلق ثعبان أبيض في حديقة المكان وأدخل نمر داخل قفصه لتسلية ضيوف الحفل وهم يحتسون المشروبات.
وهناك تحدثت مع دونالد ترامب الصغير، ابن الرئيس الأمريكي وأحد أبرز المدافعين عن حق حيازة السلاح. وعندما أعلن عن وجودي في الحفل هلل واين لابيير، رئيس رابطة البندقية الوطنية. وفي مناسبة أخرى، أطلقت النار من بنادق صيد باتجاه حمام من الطين وكان إلى جواري عضو كونغرس أمريكي، ووقفت لالتقاط صورة مع كريس كوكس، كبير المدافعين في اللوبي عن رابطة البندقية الوطنية.
وشيئاً فشيئاً غدوت أجمع الفيديوهات والمحادثات وأعيش حياة لم أكن أتصورها من قبل ممكنة.
ثم طلب مني تشارلي التواصل مع بولين هانسون زعيمة حزب أمة واحدة، وهو حزب سياسي أسترالي يميني متطرف يدافع عن حيازة السلاح. أراد تشارلي أن يعرف ما إذا كانت هناك أي صلات بين حزب أمة واحدة ولوبي السلاح في الولايات المتحدة. وبذلك، بدأت فصلاً جديداً من حياتي كمتحمس بشدة لحيازة السلاح وحمله.
عندما تواصلت مع جيمز آشبي، رئيس الديوان في حزب أمة واحدة، وذكرت له عن ارتباطاتي برابطة البندقية الوطنية قال لي إنه يرغب في زيارة الولايات المتحدة لكي يلتقي بهم. وبمجرد أن رتبت بعض الاجتماعات في واشنطن سارع آشبي وستيف ديكسون من حزب أمة واحدة إلى السفر إلى الولايات المتحدة.
كنت هناك، وعلى أهبة الاستعداد لاستقبالهم، وكانت كاميراتنا الخفية كلها مجهزة ومستعدة للانطلاق.