حصري
تكشف التحقيقات كيف يمكن استخدام كرة القدم من أجل غسيل الأموال
تكشف وحدة تحقيقات الجزيرة عن العالم القاتم لملكية الأندية وكيف يمكن إساءة استخدام أحكام السلطات المعنية بكرة القدم.
9 أغسطس 2021
يكشف تحقيق سري للجزيرة عن أنه من الممكن أن يتم شراء أندية كرة القدم الإنجليزية من قبل مجرمين لغسيل إيرادات جرائمهم.
يغوص التحقيق في العالم القاتم لملكية أندية كرة القدم الإنجليزية ويكشف كيف يتم إساءة استخدام القواعد والأحكام.
يظهر فيلم "تجار كرة القدم" الوسطاء وهم يحدثون مراسلينا المتخفين عن كيف بمكنهم إخفاء مال شخص مجرم وهويته خلف شركات أوفشور وتقديم تقارير تدقيق إلزامي مزورة لسلطات كرة القدم الإنجليزية.
كما يظهر نفس الوسطاء وهم يستخدمون "الحيل القذرة" ويتمكنون من الحصول على جوازات سفر جديدة للمجرمين – بأسماء جديدة – لخداع سلطات كرة القدم.
هل لديكم معلومات عن الفساد ترغبون بمشاركتها معنا؟ يمكنكم التواصل مع وحدة تحقيقات الجزيرة على رقم 0097450580207 (واتساب أوسيجنال)، أو ابحثوا عن طرق أخرى للتواصل معنا عبر صفحة البلاغات التابعة لنا.
يقول بن كاودوك من الشفافية الدولية، الذي يحقق في غسيل الأموال: "يجدر بمشجعي كرة القدم أن يغضبوا لأن التحقيق يكشف عن نقاط الضعف في منظومة كرة القدم الإنجليزية أمام الأموال ذات الأصول المريبة وأمام الملاك غير المناسبين."
ويضيف: "سوف يحظى تحقيق الجزيرة في ملكية أندية كرة القدم باهتمام الشرطة وكذلك باهتمام سلطات كرة القدم الإنجليزية."
الساحر
تواصل مراسلو وحدة تحقيقات الجزيرة المتخفين بوسيط اسمه كريستوفر صموئيلسون متظاهرين بأنهم وكلاء شخصية وهمية، لمجرم صيني ثري، حتى يساعدهم في الاقتراب من إبرام صفقة لشراء داربي كاونتي، أحد أقدم أندية كرة القدم في إنجلترا والذي كان قد حاز مرتين على بطولة إنجلترا في سبعينيات القرن العشرين.
يعمل صموئيلسون مديراً لصندوق ائتمان وهو في نفس الوقت مدبر صفقات في كرة القدم يعرف باسم "الساحر". وطبقاً لما يقوله المحلل المالي في قطاع الأوفشور إيدريان غاتون، يقال عن صموئيلسون أن بإمكانه أن يجعل الفيل يختفي، وذلك في إشارة إلى مهاراته في إخفاء الأموال باستخدام حسابات الائتمان.
كان هذا "الرجل الأخير في الظل" موضوع تحقيقات في غسيل الأموال في العديد من البلدان الأوروبية ولكن لم يحصل أن وجهت له تهم من قبل.
أخبر المراسلون صموئيلسون إن زبونهم "السيد إكس" كان قد أدين وصدر بحقه حكم بالسجن سبع سنين غيابياً بتهمة الرشوة وغسيل الأموال، وأنه هرب المال خارج الصين عبر كازينوهات موجودة في ماكاو.
وقيل لصموئيلسون إنه الآن راغب في غسيل تلك الأموال من خلال شراء نادي كرة قدم.
لدى اتحاد كرة القدم الإنجليزي اختبار للملاك والمدراء يحظر على أي شخص مدان في جريمة وصدر بحقه حكم بالسجن يزيد عن اثني عشر شهراً أن يتملك نادياً.
إلا أنه دون أن يعبأ بالسجل الإجرامي للزبون، قدم صموئيلسون إرشادات مفصلة، خطوة بخطوة، حول كيف بإمكانه أن يستخدم اعتمادات الأوفشور لكي يخفي أموال وهوية المستثمر.
ومن أجل أن يخفي الإدانة الصادرة بحق السيد إكس، اقترح صموئيلسون اثنين مما يسمى المستثمرين الصغار ليكونا في واجهة عملية شراء داربي كاونتي باعتبارهما شريكين مساهمين في شركة أوفشور.
وهذان يوقعان على "إعلان ائتمان" يفيد بأن بحوزتهما أسهم تعود ملكيتها للسيد إكس. وبذلك، وبموجب هذه الاتفاقية، يمكن أن تبقى هوية السيد إكس مخفية.
’سوف نقوم فقط باختراعه‘
أخبر صموئيلسون المراسلين المتخفين بأنه سيضمن لهم موافقة اتحاد كرة القدم الإنجليزي على المستثمر صاحب السجل الإجرامي.
وقال مخاطباً مراسلي الجزيرة المتخفين: "سوف آتي بفكرة حول كيف يمكن أن نبني ذلك بحيث نهزم اتحاد كرة القدم الإنجليزي. بإمكاني الضغط على الاتحاد. سوف نتدبر الأمر. سوف نقوم فقط باختراعه."
اصطحب صموئيلسون المراسلين إلى داربي، حيث قابلوا ميل موريس، مالك النادي، لمناقشة صفقة شراء داربي كاونتي بمبلغ 99 مليون جنيه إسترليني (137 مليون دولار أمريكي)، واقترح موريس أن يصبح مساهماً صغيراً.
لطالما كان صموئيلسون لاعباً في قطاع الأعمال الدولي. ففي تسعينيات القرن الماضي ساعد في بناء فالميت، واحدة من أكبر شركات الاعتماد الأوفشور في العالم.
تمكنت شركاته من إخراج مئات الملايين من الدولارات من روسيا لصالح الأولغاركيين، بما في ذلك بوريس بيرزوفسكي وكذلك "بادري" باتاركاتسيشفيلي.
وفي عام 2004 رتب صفقة باستخدام اعتمادات أوفشور مبهمة حتى يتمكن رجل أعمال روسي سري من شراء نادي إيفرتون، وهو من أندية الدور الممتاز.
إلا أن الصفقة فشلت بعد أن تم تسريب اسم ذلك التاجر، بوريس زينغاريفيتش إلى وسائل الإعلام.
وفي عامي 2012 و2016 على التوالي رتب صفقات لشراء اثنين من أندية كرة القدم الإنجليزية – ريدينغ وآستون فيلا. وكلاهما تم جرهما إلى حافة الدمار المالي تحت إدارة مالكين جديدين غامضين.
أخبر صموئيلسون مراسلي الجزيرة المتخفين كيف استخدم هو وشريك له، وهو التحري الخاص والمحقق السابق في سكوتلاند يارد كيث هنتر، "الألاعيب القذرة" لاقتناص الصفقتين
أثناء لقاء مع مراسلي الجزيرة المتخفين، أكد هنتر أنه حصل على السجلات الهاتفية الخاصة لصحفي بريطاني لكي يعرف من هو "الجاسوس" الذي سرب اسم زينغاريفيتش.
في حالة نادي أستون فيلا، قال صموئيلسون: "إننا نرصد ما كان يقوله اتحاد كرة القدم من وراء الكواليس." وأضاف: "هم لم يعلموا ذلك، بالطبع."
يكشف تقرير داخلي لشرطة سكوتلاند يارد حصلت عليه وحدة التحقيقات أن هنتر كان رهن التحقيق، ولكن لم توجه له تهم، من قبل فريق مكافحة الفساد، وحامت شكوك حوله بأنه "يعمل بقوة لإفساد العاملين في سلك شرطة لندن."
جواز سفر قبرصي
قال صموئيلسون وهنتر إن بإمكانهما مساعدة المراسلين المتخفين في الحصول على جواز سفر جديد لزبونهم ومنحه اسماً جديداً حتى يتمكن بشكل تام من خداع سلطات كرة القادم.
وقال هنتر: "لقد فعلنا ذلك مرات عديدة، فعلناه العديد من المرات لآخرين، وأضمن لك أنهم كانوا في وضع أسوأ من صاحبكم."
ثم عرف هنتر مراسلي الجزيرة المتخفين على معارف له في قبرص.
ثم عبر سلسلة من اللقاءات، أعربت شبكة من المتنفذين، بما في ذلك عضو في البرلمان وشخص هو فعلياً في موقع نائب الرئيس، عن استعدادهم لمساعدة الممول المجرم غير الموجود أصلاً في الحصول على جواز سفر من الاتحاد الأوروبي باسم جديد، على الرغم من أن الإدانة بارتكاب جريمة من المفروض أن تفقد صاحبها الأهلية لتقديم طلب من خلال برنامج جواز السفر مقابل الاستثمار المعمول به في البلد.
وكان هذا التحقيق حول جوازات السفر القبرصية قد نشر في أكتوبر / تشرين الأول من عام 2020 وتمخض عن استقالات على أعلى المستويات، وعن تحقيقات يجريها الاتحاد الأوروبي والحكومة القبرصية، وعن إلغاء برنامج جواز السفر وأسابيع من المظاهرات المناهضة للفساد في قبرص.
ردود من ورد ذكرهم
رداً على ما كشفت عنه وحدة تحقيقات الجزيرة، قال محامو صموئيلسون إنه لم يبلغ بتاتاً بأن السيد إكس مجرم مدان بغسيل الأموال وبالرشوة وبأنه لو علم بأي ضلوع له في الجريمة لأنهى النقاش في التو.
رفض هنتر الدخول في تفاصيل ما خلصنا إليه ولكنه قال إنه يختلف بقوة مع معظمها.
وقال هنتر إنه ترك العمل في الشرطة بسجل مشرف.
وقال موريس للجزيرة إن النادي لن يباع إلا "لقيمين مناسبين" وأنهم لم تكن لديهم منذ بعض الوقت أي "ارتباطات رسمية" مع صموئيلسون.